القائمة الرئيسية

الصفحات

مدينة سلا المغربية تتنفس التاريخ Salé city

مدينة سلا متحف مفتوح ينبض بتاريخ فكري وتراث معماري شاهد

متابعي مدونة مغربية وافتخر بكنوز بلادي قبل أن اخذكم في جولة إرشادية لاكتشاف الخطوط العريضة الأسطورية لهذه المدينة الرائعة، دعنا أولاً نعود إلى ما كانت عليه "سلا التاريخية".
فمدينة سلا، المدينة التوأم لمدينة الرباط التي يفصلها مصب أبي رقراق عن العاصمة، تجذب عددًا قليلاً جدًا من الزوار، حيث انها تبدو صغيرة وسرية  لكنها تتنفس التاريخ من خلال أبوابها وجدرانها المتعددة ودروبها.

سلا القديمة

نبدة تاريخية مختصرة

يرجع تأسيس مدينة سلا إلى مطلع القرن الحادي عشر الميلادي، حيث تم تأسيس نواتها الأصلية من لدن أحمد بن القاسم بن عشرة الأندلسي، على الضفة اليمنى لنهر أيب رقراق، بترخيص من بني يفرن الذين كانت تخضع لهم المنطقة والذين اتخذوا من شالة مركزا لمحاربة البرغواطيني.
وهكذا، شيد العشريون قصرا في طالعة المدينة، شكل بداية للامتداد العمراين للمدينة التي تضم حاليا المسجد الأعظم والمدرسة المجاورة له. وبعد ثلاثة عقود، قدمت فرقة من سكان زناتة من شالة، واستقرت في الحومة التي تحمل حاليا اسمهم (زناتة). ثم شيد بنو خريون الأندلسيون حومة سميت باسمهم (درب الخيار: الأخيار). وقد شكل هذا التجمع السكني مدينة صغرية (حي البليدة) ضمت أيضا يهود المدينة في الدرب المعروف بالملاح القديم،الذي ينطلق من الطالعة بجوار المسجد الأعظم إلى القيسارية الحالية.
وشهدت سلا بعد وصول المرابطين إلى الحكم، امتدادا عمرانيا في اتجاه الجنوب الشرقي، حيث تم تشييد المسجد الجامع المعروف ب (للا الشهباء) وأحاطوا المدينة بسور لحاميتها، حيث تم خلال هذه الفترة بناء الأبواب الخمسة الموجودة بهذا السور. 
ونتج عن استيلاء الموحدين على المدينة هدم جزيئ لهذه الأسوار من جهة النهر، وشيد الخليفة يعقوب المنصور سنة 1197 المسجد الأعظم الحالي على أنقاض مسجد بني عشرة، وبنى داخله مدرسة لتلقني علوم الحديث، فضلا عن تأسيس حومة جديدة حملت منذئذ اسم الطالعة.

سلا ، أو جمهورية قراصنة أبي رقراق

كانت مدينة سلا، في عهد السلطان مولاي إسماعيل في القرن السابع عشر، تعرف "بجمهورية قراصنة أبي رقراق" وبمينائها الخاص الذي كان يعتبر الأهم على ساحل المحيط الأطلسي بالمغرب، اذ امتدت البراعة البحرية لجمهورية القرصان هذه إلى إنجلترا وايسلنداوسرعان ما أصبحت سلا واحدة من أكثر مراكز القرصنة ازدهارًا في بلاد المغرب البربري في ذلك الوقت ثم اصبحت بلدة سلا مأهولة بشكل رئيسي من قبل الموريسكيين المطرودين من إسبانيا والبحارة والتجار المسلمين والمرتدين.

جمهورية سلا

الماثر التاريخية لمدينة سلا

المدينة القديمة روح سلا

تحافظ المدينة القديمة ، نقطة القوة في هذه المدينة الصغيرة التي تحن إلى الماضي ، على روحها الجذابة والعميقة وتحكي كل حارة لها قصتها الصغيرة ما زالت شاهدة عليها الأسوارو الأبواب التاريخية والأبراج والمرافق العسكرية و مقام شخصيات مشهورة. 

الأسوار والابواب التي تحيط بمدينة سلا

تتميز مدينة سلا العتيقة بمجموعة من المآثر العمرانية والتاريخية والعلمية على رأسها سورها التاريخي الكبير الممتد الى أكثر من 4.36 كم، والذي كان حصنا منيعا وسدا قويا في وجه الغرباء والطامعين، وشوكة في حلق غزاة الثغور المغربية لكثرة أبوابه وأبراجه الحربية خصوصا في جهته البحرية، فكان حصنا تاريخيا ساهم  في حماية المدينة من الغزو الخارجي، ومعلمة تاريخية تشهد على إسهام المدينة في كتابة فصول مجيدة من سيرة الحضارة المغربية عبر التاريخ وترجع اقدم اجزائه للعصر المرابطي واحدثها للعصر العلوي، كما ان الابواب التي ترصع الأسوار الممتدة من المحيط الأطلسي إلى نهر  بورقراق وهي: باب عنتر او باب دار الصنعة والذي يعتبر أكبر باب بالمغرب حيث لايظهر منه إلا الثلث أما الثلثين الباقيين فطمرا تحت التراب علما أن السفن كانت تمر من هذا الباب، ويُعرف بباب الفران ، لأن فيه ترسانة ومصنع أسلحة القراصنة، بناه السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني سنة 1261م بإشراف المهندس الأندلسي محمد بن الحاج الإشبيلي ، وباب المريسة وباب بوحاجة وباب فــــاس (باب الخميس) وباب المعلقة وباب سبتة وباب شعفة (باب سبع بنات) بالاضافة الى 5 ابراج.


باب المريسة

ابراج مدينة سلا

اقدمها برج باب سبتة وبرج الدموع الذي بناه السلطان أبو يوسف يعقوب المريني سنة 658/1260 ،وأدخل عليه السلطان محمد بن عبد الله إصلاحات اقتضاها استعامل سلاح المدفعية لمواجهة التهديدات الأوروبية، ثم أمر السلطان الحسن الأول بتحويل مستودعه السفلي إلى برج أرضي سنة 1885 وزوده بالمدافع يعرف أيضا ببرج القائد والصقالة القدمية والبرج الحسني. 
البرج الركني الذي بناه السلطان مولاي عبد الرحمن عقب القصف الفرنسي لسلا سنة 1851 وزوده بالمدافع بعد انتهاء الأشغال سنة 1853 ويعرف أيضا بالبرج الكبري (البستيون).
ثم البرج الروكني (ويدعى أيضا برج الكبير أو السقالة الجديدة شيدت في عام 1853 من قبل أبو الفضل عبد الرحمن بن هشام ) و برج الملاح وبرج المُثمن.

برج الدموع بسلا

المسجد الاعظم

الذي أقيم سنة 593/1195 على يد يعقوب المنصور الموحدي مكان الجامع الذي بناه بنو العشرة وتعاقب على حلقات الدرس به عبر التاريخ مجموعة من كبار الفقهاء وأدخلت عليه عدة إصلاحات وجددت صومعته سنة 1840 وهو من بين أكبر مساجد المغرب حيث صنف على أنه ثالث أكبر مسجد بعد مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء ومسجد القرويين في فاس.
بالاضافة الى المسجد الاعظم هناك مسجد الشهباء الذي بناه الموحدون  ومسجد سيدي أحمد حجي و المدرسة البعنانية اللذان شيدا في عهد المرينيين.

المسجد الاعظم بسلا

سور الأقواس

السور العجيب الذي تم تشييده في العصر الموحدي (1130 - 1269 ) وجدده السلطان أبو الحسن المريني سنة 1333م، وهو عبارة عن قناة مائية محمولة على سور طوله 14 كلم انطلاقا من عين البركة (منطقة بوقنادل) بالمعمورة إلى غاية مكان تجميع الماء «المعدة» في باب شعفة ليتم توزيعه على أحياء المدينة عبر شبكة قواديس تحت أرضية وهو معلمة فريدة من نوعها في المغرب.

سور الاقواس بسلا

أسواق مدينة سلا العتيقة

تتميز مدينة سلا باسواقها التي تتمتع بشعبية جيدة بفضل حرفها وثقافتها منظمة على شكل تجمع لحي لكل حرفة. نجد : القيسارية (لبيع الأقمشة والمجوهرات)، الخَّرازين (الإسكافيون)، الشراطين (بائعوا خيوط الصوف)، الحجامين (الحلاقون)، النجارين (صناع فن النجارة)، العطارين (بائعوا الثوابل) وغيرها، إضافة إلى سوق الكبير وسوق الغزل الشهيرين الذى يشكل معلمة تاريخية منذ اكثر من نصف قرن .

سوق الغزل

اماكن سياحية اخرى بمدينة سلا

تزخر المدينة بالعديد من المؤسسات الثقافية كالمكتبات والمتاحف: 
  • المكتبات مثل الخزانة العلمية الصبيحية، مكتبة الناصري، مكتبة المسجد الأعظم، مكتبة عبد الرحيم بوعبيد ومكتبة سعيد حجي.
  • المتاحف مثل متحف دار بلغازي،  وهو من المتاحف الرئيسية في سلا وأسس سنة 1991 ووظيفته إثنوغرافية،  ومتحف مغربي خاص يقع في دائرة سيدي بوقنادل، على مقربة من سلا، عبر طريق القنيطرة  ويقدم مجموعة متنوعة خاصة الآلات الموسيقية (الأندلسية والبربرية)، والأسلحة القديمة والملابس التقليدية، والسجاد، والنوافير مزينة بالزليج، القطع النقدية، والنصوص القرآنية... بالاضافة الى متحف الفخار ب« الولجة » ومتحف السيراميك  في القلعة القديمة ببرج الدموع.
متحف دار بلغازي

بالاضافة الى ذلك هناك  منتزهات  مميزة في مدينة سلا تستحق الزيارة منها : 

الحدائق العجيبة ببوقنادل-سلا

تقع الحدائق العجيبة بوقنادل في بلدة سيدي بوقنادل شمال سلا ، على طريق القنيطرة (الطريق الوطني 1) ، على بعد 13 كم. وتقع على الجانب الغربي من الطريق على قطعة أرض طويلة (شرق - غرب) تقدر بما يقرب من أربعة هكتارات.
لا تفوت زيارة "الحدائق العجيبة" ببوقنادل التي توفر لزوارها تشكيلة نادرة من النباتات من مختلف أنحاء العالم لأكثر من نصف قرن، وتبسط لهم فضاء أخضر متنوعا فتلقي بهم في أدغال استوائية من عمق أفريقيا ثم تنقلهم إلى نوادر النباتات بأميركا اللاتينية أو تضعهم أمام حدائق يابانية أو صينية أو مناظر طيور مائية مختلفة الألوان.
تمتاز الحدائق بجسور خشبية معلقة تنقلك بين فضاء وآخر، وممرات حجرية متراصة بعناية وسط برك للنباتات المائية النادرة التي أسسها المهندس الزراعي الفرنسي مارسيل فرانسوا سنة 1949.
و قد خضعت الحديقة للترميم من طرف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، وأعيد فتحها أمام العموم عام 2005، وتم تحويل منزل فرانسوا إلى متحف، وذلك بعد إهمال طالها أواخر تسعينيات القرن الماضي.
كما توفر الحديقة  الهدوء والجمال لزوارها، بالإضافة إلى مشاتل وأحواض ومتحف لبعض الزواحف ومنابت ومعلومات علمية هامة حول كل محتوياتها.

الحدائق العجيبة ببوقنادل

مارينا أبي رقراق

من الاماكن البارزة خارج اسوار مدينة سلا حيث تقع مارينا أبي رقراق عند مصب نهر أبي رقراق، على شاطئ سلا و في مخبإ من موجات المحيط الأطلسي كما أنها محاطة بمواقع تاريخية مرموقة، كصومعة حسان أو قصبة شالة الخلابة التي شهدت العديد من الحضارات المتوسطية و بانتهاء الاشغال بالمارينا في مارس 2008 انتهت اصبحت تتوفر على أحدث المعدات و مساحتها الحالية هي 4.2 هكتار للحوض و 4 هكتارات للشوارع اذ تستطيع المارينا النهرية استيعاب ما يصل إلى 240 قاربا من 6 الى 30 متر مع قناة من 2 إلى 4 أمتاركما انه من المتوقع أن تصبح محطة ضرورية للمراكب في طريقهم نحو غرب أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي أو سواحل أمريكا الشمالية.

مارينا بورقراق

شاطئ مدينة سلا

اذا زرت مدينة سلا في فصل الصيف فلا تفوت الاستجمام و الاسترخاء على شاطئ المدينة الذي يعد من أجمل شواطئ المملكة، يقصده الزوار والسياح من مختلف الأماكن قصد الاستجمام والاستمتاع وقضاء أوقات ممتعة حيث يتوفر الشاطئ على العديد من التجهيزات من مرافق صحية ومقاهي وأكشاك لبيع المواد الغذائية ومواقف للسيارات وغيرها من التجهيزات التي يحتاجها المصطافون.
ويحاول المجلس الجماعي جاهدا، طيلة أشهر السنة، بتنسيق مع مختلف الجهات المعنية توفير الظروف المناسبة للاصطياف، من خلال تنظيم حملات للنظافة والعناية بتجهيزاته خاصة ما يتعلق منها بالمرافق الصحية والإنارة وتوفير الحراسة، إلى جانب حملات تحسيسية بضرورة الحفاظ على الشاطئ من كل مصادر التلوث وعلى راحة المصطافين من الإزعاج .

شاطئ مدينة سلا



للاطلاع على اخر مستجدات فيروس كورونا في المغرب اضغط على الرابط التالي
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات